كسرت جدار الزمن.. سارة مولالي أول امرأة تقود الكنيسة الأنجليكانية

كسرت جدار الزمن.. سارة مولالي أول امرأة تقود الكنيسة الأنجليكانية
سارة مولالي

تكسر سارة مولالي، الطبيبة السابقة ورئيسة التمريض البريطانية السابقة، جدارًا عمره أكثر من تسعة قرون، بعدما أعلنت الكنيسة الأنجليكانية في الثالث من أكتوبر الجاري، جعلها أول امرأة تتولى منصب رئيسة أساقفة كانتبري، أرفع منصب ديني في إنجلترا، خلفًا لجاستن ويلبي.

يمثل هذا القرار تحولًا تاريخيًا وإنسانيًا عميقًا في مسار المؤسسة الدينية التي قادها حتى الآن 105 رجال منذ تأسيسها في القرن السادس الميلادي، ويعكس أيضًا مسارًا من النضال الهادئ نحو المساواة بين الجنسين داخل المؤسسة الكنسية المحافظة تقليديًا، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

تواجه إرثاً من الانقسامات

تبدأ مولالي، البالغة من العمر 63 عامًا، رحلتها الجديدة وسط تحديات فكرية وروحية شائكة داخل الكنيسة، أبرزها الانقسامات الحادة حول دور النساء ومجتمع الميم داخل صفوفها.

وتُدرك مولالي التي عُرفت خلال عملها في القطاع الصحي بصلابتها الإنسانية وهدوئها القيادي، أن المنصب الذي تتولاه ليس مجرد موقع ديني، بل منصة رمزية تمثل اختبارًا لمستقبل الكنيسة الأنجليكانية، ومدى قدرتها على التكيّف مع قيم العصر وتنوعه الاجتماعي والثقافي.

كما تواجه انتقادات واسعة تطول الكنيسة بسبب فضائح الاعتداءات الجنسية التي هزت أركانها خلال العقد الأخير، وهو ملف قالت مولالي إنها "لن تتجاهله أو تبرره، بل ستعمل على أن تعود الثقة من خلال الشفافية والمحاسبة".

ترسم مسار التغيير

يمثل تعيين مولالي امتدادًا لمسار طويل من التحول البطيء داخل الكنيسة الأنجليكانية؛ فبعد قرون من احتكار الرجال للمنابر، تم ترسيم أول قسيسة عام 1994، ثم أول أسقفة في عام 2015.

ويأتي اليوم تعيين سارة تتويجًا لرحلة نضال امتدت لعقود من الزمن، قادتها نساء كثر طالبن بأن تكون الكرامة الروحية فوق كل تمييز.

بهذه الخطوة، تتجاوز الكنيسة مجرد تعيينٍ إداري، نحو إعلان إنساني بأن الإيمان لا يُقاس بالجندر، بل بالقدرة على القيادة والرحمة والخدمة.

تحمل إرثاً إنسانياً

وُلدت سارة مولالي في عام 1962، وبدأت مسيرتها المهنية ممرضة قبل أن تصل إلى منصب كبيرة مسؤولي التمريض في بريطانيا، وهو أعلى منصب إداري في قطاع الصحة العامة.

عرفت مولالي خلال مسيرتها بقدرتها على الإنصات والتعاطف مع الضعفاء والمرضى، وهي الصفات التي نقلتها معها إلى الخدمة الكنسية بعد رسامتها كاهنة عام 2001، ثم أسقفة للندن عام 2018.

يرى مراقبون أن خبرتها الإنسانية العميقة مع البشر في لحظات الألم والضعف ستمنح قيادتها بعدًا جديدًا يختلف عن النمط الإداري البارد، إذ تركز على الإصغاء أكثر من إصدار الأحكام.

تحمل آمال الملايين

يُتوقع أن يصادق الملك تشارلز الثالث قريبًا على تعيين مولالي رسميًا، في خطوة ستعيد تشكيل صورة الكنيسة الأنجليكانية في العالم، والتي تضم أكثر من 85 مليون تابع في 165 دولة.

ورغم أن لكل كنيسة وطنية استقلالها التنظيمي، فإن رئيس أساقفة كانتبري يظل رمز الوحدة الروحية وممثل الضمير الإيماني لهذا الاتحاد الديني الضخم.

ويأمل كثيرون من داخل الكنيسة وخارجها أن يكون تعيين سارة مولالي بداية لعهد جديد يعيد للكنيسة دورها الأخلاقي والإنساني في عالم يزداد اضطرابًا ويبحث عن قادة يحملون روح الرحمة لا سطوة السلطة. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية